أقام نادي أبها الأدبي مساء الثلاثاء 7 / 7 / 1435هـ محاضرة بعنوان“جدلية المثقف في الرواية السعودية” لأستاذ صالح سالم الصاعدي, وكان قد حضر في عصر اليوم نفسه الاجتماع الدوري للجنة إبداع, وتحاور معهم حول بعض القضايا الثقافية والفنية من خلال الأعمال اللإبداعية الروائية, واستمع إلى أفكارهم وما يقومون به في لجنة إبداع من عوّن ومساعدة للمبدعات والمبدعين..
قدم للمحاضرة وأدارها الأستاذ ظافر الجبيري, والذي رحب بالمحاضر والحضور, وقال بأننا نسعد في هذا المساء باستضافة ناقد شابٍ ومتخصص في الرواية والمثقف واحالات كل منهما, وقرأ سيرةً ذاتية للضيف, ثم أحال الحديث للضيف, والذي بدأ بشكر أدبي أبها رئيساً ومجلس إدارة, على اتاحتهم الفرصة له للحديث حول هذا الموضوع, وقال بأن الحديث حول المثقف يحمل إشكالية حول مصطلحه, ويتطلب منه الحديث حول الجانب النظري والتنظيري حول المثقف, وقال بأن عنوان المحاضرة يحدد العلاقة بين المثقف والمجتمع, لأن المثقف علاقاته كثيرة, كعلاقته بالسياسي والآخر والأفكار, وأشار إلى أن تحديد هذا الجانب يأتي لأن كل العلاقات تتطلب العلاقة بالمجتمع, وطرح نظريتين حول المثقف, الأولى نظرية المثقف العضوي والتي اهتم بها غرامشي, والأخرى نظرية حديثة أو ما بعد حداثية, قعد لها علي حرب في كتابه “نقد المثقف”, وسماها “المثقف الوسيط”, وأوضح ما تضمنته كل واحدة من النظريتين, ثم تناول بعض الآراء الأخرى حول علاقة المثقف والمجتمع البعيدة عن هاتين النظريتين, مثل المثقف الشعبوي والمثقف النخبوي عند عبد الإله بلقزيز, والمواقف الثلاثة عند أحمد حجازي, وهي الإعلان, والتحليل, والتغيير, وأعتبر أنه من خلال ذلك أن مصطلح المثقف لا يزال إشكالياً, فكل تعريف للمثقف ينبني على تصورات تنظيرية فكرية بناءً على تاريخ ثقافي, وأضاف أنه من خلال هذا التحليل السريع لعلاقة المثقف بالمجتمع؛ وجد بأن المثقف يكون بين أمرين, إما الاتيان بنظرية تهتم بأن المثقف متسلطاً على المجتمع, أو محاول إزالة سلطة المثقف, وقال بأن المثقف في الرواية السعودية مثقف حزبي في الغالب, ينتمي إلى الحزبية التي تختلف بحسب المراحل الفكرية, والنوع الأخر مثقفاً هاوياً لا يمثل إلا صورة ضئيلة في الرواية السعودية, وأشار إلى وجود نوع ثالث من المثقفين, وهو المثقف الذاتي المنطوي على ذاته, ويبحث عن اهتماماته, وتناول عدداً من الأعمال الروائية السعودية بالتحليل والنقد, وقام بتوظيفها في هذه السياقات, ورأى بأنه وجد نوع أخر من المثقفين إزاء المثقف الحزبي وهو المثقف الديني, والذي لا يرى الخلاص للمجتمع إلا من خلال أفكاره التي يؤمن بها فقط, واعتبر أن هذه الصورة تتمثل في رجل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وتم تناولها في جانبها السلبي من خلال الرواية السعودية كـ “ردات أفعال”, مع إهمال تناول المثقف الديني الذي تطورت أفكاره وتحولت, مشيراً إلى إن تلك الأعمال اختزلت المثقف الديني في رجال الهيئة فقط, اختزال المثقف الديني في تلك الأعمال, واعتبر أن ذلك إشكال في التحليل الفكري لعلاقة المثقف الديني بالمجتمع ومحاولة تلمس التطورات الفكرية عنده, ومضى في استحضار العديد من النماذج الثقافية من خلال ما وصفه بالعملية الاستقرائية البحثية, التي قال إنه أجراها حول الرواية السعودية وكتابها وما تضمنته من تصويرات, ودلالاتها فيما تناوله من موضوع, واستمر في ذلك حتى نهاية محاضرته..
وعقب انتهاء المحاضر من موضوع محاضرته؛ أتت مداخلات الحضور ما بين المتفقة مع الصاعدي, والمختلفة مع بعض المصطلحات التي أوردها, وقد عقب على جميع المداخلات كاملة, وفي الختام تحدث رئيس النادي الدكتور أحمد آل مريع شاكراً الضيف على ما قدمه, والحضور على التفاعل وإثراء موضوع شائكٍ كهذا الموضوع, وكرم المحاضر بدرع نادي أبها الأدبي..