–
ضمن النشاط الثقافي الصيفي لنادي أبها الأدبي، نظم النادي محاضرة ثقافية للأديب حمد القاضي بعنوان «في عصر الإعلام الإلكتروني.. أين موقع الثقافة الورقية؟».. وقد استهل مدير الحوار عبدالرحمن الثوباني المحاضرة التي شهدت حضورًا كثيفًا بترحيبه بالضيف والحضور مستعرضًا سيرة القاضي الذاتية.
ثم بدأ الضيف محاضرته، وأكد خلالها أن حب الأسلاف للكتاب يصل إلى مرحلة العشق، واستعرض بعض الشواهد على ذلك ذاكرًا أن المؤرخ ياقوت الحموي ولد في مكتبة ومات في مكتبة وأن إسماعيل القاضي كان لا يُرى إلا ومعه كتاب. وعن واقع القراءة حاليًا، قال: مما ينبت الحسرة في النفس قلة الاهتمام بالقراءة في هذا الزمن الذي أحب أن أصفه بأنه الزمن المعتل الآخر، واشار إلى أنه مهما قيل وحدث فإن الكتاب سيبقى مصدرًا مهمًا من مصادر المعرفة الإنسانية حيث يرتبط به الإنسان ارتباطًا وجدانيًا لا يتحقق للوسائط الإلكترونية الحديثة بنفس القدر، منوّهًا بسؤال هارون الرشيد لابنه المأمون: ما الذي بيدك؟ ليجيب المأمون: بعض ما تشحذ به الفطنة وتؤنس به الوحشة.
كما استعرض القاضي بعض التحولات التي شهدتها الصحافة السعودية، ذاكرًا أنها كانت صحافة ثقافية، كما كان الناس يتابعون الملاحق والمعارك الثقافية قبل مجيء فضاءات المعرفة الحديثة المتمثلة في الوسائط الإلكترونية الحديثة. وتساءل: هل لدينا ثقافة تستحق القراءة والتصدير؟ وأجاب: واقعنا الثقافي متزامن مع الواقع الثقافي العام أو مقارب له والدليل وجود كم جيد من الكتب والأوعية الثقافية ولكن المنجز الثقافي السعودي يحتاج إلى دعم ونحن بحاجة إلى دار نشر كبرى تتولى توزيع الكتاب داخل المملكة وخارجها، وأضاف: معارض الكتب التي تعقد لدينا بشكل دوري ومن أبرزها معرض الرياض الدولي للكتاب دليل أكيد على أن الكتاب الورقي باق وله عشاقه ومحبوه ودليل على أن الوسائط الحديثة لم تأخذ كل الاهتمام بل تسير في سياق واحد مع الكتاب الورقي. وأشار إلى أن جيل الشباب جيل حاسوبي الثقافة، ومن المهم أن يقرءوا ولا نريد أن يغيب الكتاب عنهم. وختم القاضي المحاضرة بقوله: أراهن على أن الكتاب الورقي سيبقى أحد أهم روافد المعرفة الموثقة.
المحاضرة شهدت عددًا من المداخلات، حيث استعرض عضو مجلس الشورى السابق الدكتور محمد آل زلفة مشكلة القراءة في مجتمعنا مشيرًا إلى أن إيصال الكتاب إلى القارئ السعودي يمثل مشكلة حقيقية حيث تخلو المدن والقرى في الغالب من أندية الكتب والمكتبات العامة. كما شكرت نوال طالع المحاضر على محاضرته واصفة إياها بالقيمة والمفيدة. واتهم صالح الأحمد البيت والمدرسة والجامعة بالتقصير في دعم مشروع القراءة للأبناء. فيما امتدح الدكتور عبدالله حامد الطرح في المحاضرة مؤكدًا أن الأجيال هي التي ستحكم في علاقة الكتاب بالوسائط الإلكترونية الحديثة وقدرته على البقاء، وتساءل الدكتور حامد عن رابطة الأدباء وما تم بشأنها ليؤكد القاضي أنه تم رفع ما يتعلق بالرابطة من مجلس الشورى وانتهت إلى المقام السامي، وأما الشاعر إبراهيم طالع الألمعي فذكر أن أول مكافأة عن عمل إبداعي تلقاها كانت بإمضاء حمد القاضي.
وفي ختام الأمسية شكر رئيس نادي أبها الأدبي الدكتور أحمد آل مريع الضيف والحضور، ثم أعلن عضو النادي مريع سوادي اسماء المتدربين والمتدربات في القصة القصيرة والمقالة وترجمة النصوص، وقام الضيف حمد القاضي ورئيس النادي بتوزيع الشهادات، ثم قدم رئيس النادي درعًا للضيف، ثم وقّع حمد القاضي للحضور نسخًا من كتابه «قراءة في جوانب الراحل د.غازي القصيبي الإنسانية».