ثار جدل بين المتداخلين في مسامرة نادي أبها الأدبي التي أقامتها لجنة الإبداع بالنادي ضمن أنشطتها حول القصة القصيرة في عسير, والتي تحدث عنها الدكتور محمد المدخلي في ورقة عنونها بـ(رؤية توثيقية), وأدار حوارها الأستاذ ظافر الجبيري رئيس لجنة الإبداع بالنادي وعضو مجلس إدارته, حيث كان الجدل حول مشروعية القصة القصيرة جداً ومدى تقبل البعض لها كفن أدبي, فقد رأى الدكتور قاسم الألمعي في مداخلته أن القصة القصيرة جداً غير مكتملة الأركان التقليدية للقصة, ولا يصح ان تسمى قصة, وقال بأن ما يمكن أن توصف به هو أن يقال عنها خاطرة أو خبر, في حين أيدها ودافع عنها القاص والكاتب يحيى العلكمي وآخرون , حيث أكد العلكمي أن القصة القصيرة جداً (ق ق ج) ما هي إلا نص ثري جداً ومكتنز لا يتقنها إلا من برع في نص القصة القصيرة, وبين بأن نص القصة القصيرة جداً يعتمد ظل اللغة ولا يعتمد اللغة نفسها ويعتمد ما وراءها وما يمكن أن توفره من إيحاءات وفضاءات يتحرك فيها المعني, لتترك مجالاً واسعاً للقارئ يمكنه من تخيل الأحداث, فهو يتكئ على أساس الاقتصاد اللغوي الذي يبحر في الدلالات أكثر من الألفاظ الظاهرة.
وكانت قد سارت فقرات الورقة نحو التعريف العام للقصة, وعلاقة النص السردي باللغة العربية, وكذا نشأت السرد في عسير, والعوامل المؤثرة في هذا الفن, وتناولت الورقة أبرز كتاب القصة في عسير منذ عام 1370هـ حينما كتب محمد بن عبد الله بن حميد قصته (شهادة للبيع) وتوسع المحاضر حول التعريف والنشأة وبواكير الكتابات النثرية عبر المراسلات من بعض أمراء عسير مع خديوي مصر, ومراسلات آل الحفظي مع الدرعية, فيما أكدت الورقة على وجود أربعة أجيال تكتب القصة منذ عام 1370هـ وحتى العام 1434 هـ, وركزت الورقة على العوامل المؤثرة في تطور فن القصة في عسير ومنها الصحافة في المملكة عامة, وبخاصة الصحف المبكرة الصدور في المنطقة, ومحاولات بعض أدباء المنطقة النهوض بأدبهم, وذكرت الورقة أن من أهم عوامل التطور بيئة عسير الخلاقة, وظهور المجلات والملاحق الأدبية في الصحف, وحركة المواصلات وسهولة الاتصالات بين اجزاء المملكة, وكذلك دور الجامعات المتمثلة في فرعي جامعة الملك سعود وجامعة الإمام محمد بن سعود, ثم عرج المحاضر على ظهور أولى لجان القصة في عام 1402 هـ والتي ظلت تخدم المبدعين, ثم تحولت إلى جماعة ثم منتدى, وأخيراً لجنة (إبداع) والتي تضم النثر والشعر, وقد أحصت ورقة المحاضر ما يزيد على 25 مجموعة قصصية لكتاب عسير..
وبينما استندت الورقة على اكثر من 30 مرجعاً؛ إلا أنها لم تنجُ من سهام النقد, ففي مداخلة للدكتور محمد أبو ملحة نائب رئيس النادي قال بأن تعريف الورقة للقصة وأنها تهتم بالواقع وملتصقة به, فربما كان هذا في بدايات النشأة, بينما اتجهت القصة المعاصرة اتجاهات أخرى(فانتازية ورمزية وشعرية وتجريدية) والقصة الواقعية تعتبر نوعاً من هذه الأنواع, وطلب من المحاضر أن يعمل على رصد وتوثيق الحركة الأدبية والإبداعية في منطقة عسير من خلال الاستعانة ببعض الدراسات التي عنيت بهذه الحركة, وأشار إلى تبني لجنة إبداع بالنادي إصدار الجزء الثاني من بيدر النص, وجدد الإعلان عنه تحت مسمى (بيدر النص2) ودعا الكتاب والمبدعين إلى المشاركة فيه, كذلك انتقدت بعض المداخلات خلو الورقة من المنهج وبخاصة (المحددات) المكانية والزمانية, وتطوافها المتسع الذي أفقدها تسليط الضوء على موضوع واحد وهو القصة القصيرة, فيما دارت بقية المداخلات حول توازي الانتاج القصصي مع المدة الزمنية, التي جاوزت نصف قرن من النتاج الأدبي, وقد امتدح أستاذ النقد والأدب في جامعة الملك خالد الدكتور طاهر الجلوب المحاضر وأثنى على مبادرته التي لا يقوم بها إلا مغامر, وانتقاله محيطٍ ثقافي إلى محيطٍ ثقافي آخر, فقد انتقل من الدين الفقه إلى الأدب, برغم مأزق المضي في الخصومة ما بين الدين والأدب, وأكد أن تلك الخصومة مستوردة من المجتمعات والثقافات الأوربية, والتي تعتمد على أساس المشاكسة ما بين رجل الدين ورجل الأدب, مشيراً إلى أن المجتمعات العربية والإسلامية لا ينبغي لها أن تذهب ذات النزعة وأن تحافظ على خصوصيتها, وتسال عن مدى الشرخ ما بين الجانب الإبداعي والجانب النقدي في الحيز المكاني لموضوع دراسة المحاضر, من جانبه أوضح المحاضر أن ورقته لم تكتمل بعد, وأن المداخلات ستعيد كتابة الورقة وتضيف إليها.
شاهد أيضاً
أدبي أبها يحتفي بأول اصدارات اللجان الثقافية بمحافظات المنطقة
دشن نادي أبها الأدبي ثلاثة أصدرت جديدة منها اصدران للجان الثقافية التابعة لنادي أبها الأدبي …