محاضرة الهويريني “العلم.. قصة الأمية” في أدبي أبها..

احتد النقاش بين ضيف نادي أدبي الأدبي الأستاذ علي الهويريني وأستاذ اللغة العربية الدكتور محمد العمري حول مسألة اللحن في القرآن الكريم, جاء ذلك خلال محاضرة الهويريني مساء الاثنين في النادي والتي تحدث فيها الهويريني عن وجود لحن في القرآن الكريم, حيث علق الدكتور العمري في مداخلته مبيناً عدم قبول أو اجازة احتجاج المحاضر باللحن الموجود عنده بأنه موجود في القرآن الكريم, وقال بأنه لا مانع لديه من فتح باب الجدل حول هذا الأمر معه إن أراد, وأكد بأن نسبة اللحن للقرآن تهمة خطيرة, واستشهد بـ “أن من تكلم فيما لا يحسن أتهم فيما يحسن”, ورجا المحاضر أن يبعد هذه الفكرة عن بقية الأفكار السابقة الجميلة التي طرحها, مؤكداً على أن الكلمات التي الواردة في القرآن ويقول المحاضر أنها لحناً ليست كما يظن, ودلل على ذلك بقوله “واسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون”, فيما وجه الهويريني سؤاله للعمري عما يسمي هذه الظهرة, وأجابه العمري بأن ذلك الانزياح الذي ورد في بعض التراكيب القرآنية, هو انزياح لغرض معنوي واضح, وعلى ذلك فإن تسمية المحاضر لـ “البرّ” في القرآن الكريم على أنه لحنا, فليس بلحن وإنما هو مسألة تقديم وتأخير في تركيب الجملة, فيما أكد المحاضر أنه يتحدث من خلال ثلاثة أمور يقرأ بها القرآن وهي الله والرسول والقرآن, وقال بأن تلك اللحون القرآنية جاءت لتفضح المنافقين أمام الرسول الكريم, والذين قالوا بأنه بدأ النبي يلحن, موضحاً بأن هنالك منافقين تكمن مشكلتهم مع القرآن وهم النصارى لأن مشكلتهم مع اللغة, فيما منافقين آخرين مشكلتهم مع الرسول وهم منافقي اليهود والذين يؤمنون بالقرآن ويكرهون الرسول الكريم محمد عليه السلام, واستدل بذلك على أن الله تعلى كشف المنافقين للرسول عن طريق تلك اللحون, وكذلك عن طريق النسخ, متسائلاً عن كون لغة العرب أهي (ليس البرُّ), فيما رد العمري بأن الخطير في الأمر ليس قول المحاضر في حد ذاته, فمن الممكن وضع رأي المحاضر إلى جوار غيره من الآراء ويتم تحكيمها, ولكن الخطير فيه أن يعتذر المحاضر للحنه بوجود اللحن في القرآن, وقال بأن مسألة نسبة اللحن إلى القرآن الكريم مسألة منتهية ولا يجوز نسبة اللحن إلى القرآن الكريم بأي حال من الأحوال, وأن كل ما يتوهمه المحاضر لحن في القرآن الكريم؛ ما هو إلا انزياح في التركيب لتحقيق غرض معنوي معين, وكان الجدل قد احتد إلى حين تدخل مدير الحوار الأستاذ علي فايع لإيقافه الانتقال إلى مداخلة أخرى.

وكانت قد بدأت المحاضرة بتقديم لمقدم المحاضرة والمحاضر الأستاذ علي فايع الألمعي, والذ قدم للضيف من خلال عرض مرئي يوضح سيرة الضيف بعد أن أكد بأن تقديم الضيف على أنه فنان أو على أنه الفيلسوف والمثقف والرجل العقلاني ستكون قاصرة لأنه كل ذلك مجتمعاً, كما بين أن من له فضل إعادة اكتشاف الهويريني من خلال مقاطع اليوتيوب, هو الأستاذ حسن العسيري والذي كان بين الحضور ووجه الشكر له, وكذلك علي الزهراني والذي عمل على تقديم أعماله والاعتناء بها, ثم أعطى الوقت للمحاضر للبدء في محاضرته ” العلم.. قصة الأمية”, والتي بدأها بالصلاة والسلام على النبي الكريم الأمي الذي بعثه الله تعالى في الأميين ليقول لهم إن العلم خلق رفيع, مبيناً أهيمة أخذ الكتب وقراءتها وفهمها عن طريق قارئ الناصية على حد وصفه(القلب), ووصف الفؤاد بأنه المرجع الحقيقي للمعرفة, واستشهد على أن علوماً كثيرة كالدين والفلك والصناعة والطب من العلوم التي يعرفها الأميين ونشأت منهم, وقدم اعتذاره للحضور إن حصل منه لحناً لأنه ليس لغوياً وإنما هو يؤمن بقول الله تعالى “ليس البر” ويقرأ بقلم الله ما يمكنه ويقرأ ما في ناصيته, وقد ذكر في كلامه بعضاً من الأمثلة للعلوم والمعارف التي أوجدها أو اكتشفها أميين لا علاقة لهم بالعلم, مبيناً أنه لم يكن للجامعة أو العلم أي دور في تلك الأمور, واستدل في ذلك على أن الأمي ليس جاهلاً, وأشترط لأجل فهم القرآن الكريم القراءة بعلم القلم الكريم والذي سيجد فيه العلم كاملاً إذا رتله, مؤكداً على أهمية القراءة بقلم الله قراءة حقيقية مع ترك اجترار المفردات القديمة حتى يتم إدراك علم حقيقي, وقال بأنه من رحمة الله بنا أنه لم ينزل آيات مخيفات صاعقات ومبيناً أن الله تعالى هو “الأغير” على خلقه, وفي نهاية حديثه طلب المعذرة من الحضور إن وجد تقصير, لأنه وكما قال يؤمن بأنه من العرب المستعربة, العرب الذين قال الله في القرآن ليس البر, مؤكداً بأن تلك منجاته التي دائماً يلجأ إليها, وذكر بأنه الله تعالى قال “والصابين” قائلاً بأنه في القرآن لحون, واللحون لا تعيب إذا كانت في مكانها, وطلب المعذرة لأنه أحياناً يتحدث بالعامية وأحياناً يلحن في العربية, مؤكداً أن ذلك لا يملكه ولكنه لا يستعيبه كونه موجوداً أيضاً في القرآن, واختتم الحديث بأبيات من قصيدة له قال إنه يرغب في إلقائها للمستمعين.

ثم أتاح مدير الحوار الأستاذ علي فايع المجال أمام مداخلات الحضور, بعد أن تمنى ألا يتسرب للحاضرين عدم محبة الهويريني للعلم والمعرفة أو أصحاب الشهادات من الأكاديميين, وقد علق الهويريني بأنه ليس ضد العلم والمعرفة, ولكنه مع تفعيلها في طريقها السليم, حيث كانت المداخلة الأولى للدكتور محمد الكحلاوي, والذي قال في مداخلته بأنه أعجب بما سمعه وشد انتباهه, لأنه مختلف تمام عما سمعه من قبل على منبر النادي, فهو يعيد الفن العربي القديم من إلتقاءٍ للفلسفة بالفن والعلم بالدين والتصوف بالأدبي, ووصف المحاضر بأنه يفكر تفكيراً ابستمولوجياً في القرآن لأننا نحتاجه في هذا العصر إلى فلسفة علمية تسند الحقائق الدينية التي جاءت في القرآن الكريم, بعيداً عن الترديد الببغائي والعادي بأن القرآن فيه كشوفات يؤكدها العلم الحديث, موضحاً بأنه علينا أن نعطي للدين الفلسفة التي يستحقها, مؤكداً بأن المحاضر أبحر في تأملات فلسفية روحانية في حقائق علمية, وذلك مهم جداً لأن الدين هو إيمان وعلم, ورأى في الهويريني امتداداً للغذامي وابن عربي وبخاصة حين يتحدث عن مفهوم القلم الإلهي عند ابن عربي ومفهوم الإنسان الأصغر في مقابل الكون الأكبر الذي خلقه الله, وقال بأننا لم ننتج الفلسفة والفكر والأدب الذي يليق بمقام الإنسان كما جاء في القرآن, ووجه سؤالاً للمحاضر عن أي مجال يصب فيه بحثه وجهده, هل في مجال الفلسفة؟ أم في مجال الخطاب الدعائي للقرآن؟ أو في مجال التفكير العلمي, أو في مجال الروحانية الصوفية الإيمانية؟ وقد أجاب المحاضر بأن فعله ما هو إلا تنظير في عقل الإنسان, وهي عملية إعمال العقل والقراءة بما فيه, ثم توالت المداخلات والحوارات حتى نهاية المحاضرة, والتي اختتمها رئيس النادي الدكتور أحمد آل مريع بكلمة شكر فيها المحاضر والحضور على تحقيق الهدف من الحضور والتفاعل والتحاور, ثم كرم الضيف بدرع نادي أبها الأدبي.


شاهد أيضاً

أدبي أبها يحتفي بأول اصدارات اللجان الثقافية بمحافظات المنطقة

دشن نادي أبها الأدبي ثلاثة أصدرت جديدة منها اصدران للجان الثقافية التابعة لنادي أبها الأدبي …

اترك تعليقاً